منتديات سيدات السعوديه  

العودة   منتديات سيدات السعوديه > |[ :: المنتديات الأسلامية:: ]| > منتدى حياة الانبياء ـ الصحابة ـ التابعين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-15-2023, 07:54 AM
Admin Admin غير متواجد حالياً
مدير عام
 
تاريخ التسجيل: Oct 2023
الدولة: هنا
المشاركات: 749
Admin is infamous around these parts
افتراضي

ثانيًا: حياة خُفاف في الإسلام ودوره فيه:
لا يُعرَف على وجه التحقيق متى أسلم خُفاف وكيف أسلم؛ ذلك أنه كما سكتت المصادر القديمة عن حياته في الجاهلية؛ مما جعل تفاصيلها غير واضحة المعالم، وجوانبها غير متينة الخيوط، فإن هذه المصادر أشد سكوتًا عن حياته في الإسلام، فباتت مطموسة المعالم، واهية الخيوط، شديدة الغموض، عنها في الجاهلية.
وإلى القارئ الكريم بعض ما ذكرته المصادر الأدبية والتاريخية عن إسلام خُفاف وحياته في الإسلام:
• شهِد مع النبي صلى الله عليه وسلم فتحَ مكة، ومعه لواء بني سليم، وشهد حنينًا والطائف.
• شاعر مشهور بالشعر، وهو ممن ثبت على إسلامه في الردة، وهو أحد فرسان قيس وشعرائها.
• مخضرَم أدرك الجاهلية وأسلم، وثبت في الردة، ومدح أبا بكر، وبقِيَ إلى أيام عمر.
• قال الواقدي في الكلام عن فتح مكة: "ومرت القبائل على قادتها، والكتائب على راياتها، فكان أول من قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد في بني سليم، وهم ألف، فيهم لواء يحمله عباس بن مرداس السلمي، ولواء يحمله خُفاف بن ندبة، وراية يحملها الحجاج بن علاط"، وفي الكلام عن غزوة حنين، يقول: "وكان في بني سليم ثلاث رايات: راية مع العباس بن مرداس، وراية مع خُفاف بن ندبة، وراية مع الحجاج بن علاط".
• وخُفاف من فرسان العرب المعدودين، مخضرم، أدرك الإسلام فأسلم، وحسُن إسلامه، وشهِد الفتح وكان معه لواء بني سليم، وشهد حنينًا، وثبت على إسلامه في الردة، وبقي إلى زمن عمر.

هذا حشد لِما ذكرته المصادر عن حياة خُفاف في الإسلام، آثرتُ أن أسجِّلَه وإن كان مكررًا؛ لأستنتج منه حياة شاعرنا في الإسلام، ودوره فيه، ومن خلال ما عرضته يتضح لنا الآتي:
أولًا: أغفلت المصادر القديمة الحديثَ عن إسلام خُفاف؛ فلم تذكر لنا متى وكيف أسلم، ولكن الواضح أنه أسلم قبل الفتح، بدليل إجماع المصادر على شهوده إياه، والذي تطمئن إليه النفس أن خُفافًا أسلم سنة ثمانٍ من الهجرة، وهو العام الذي أسلمت فيه سليم؛ فقد ذكرت كتب السيرة أن سليمًا دخلت في الإسلام سنة ثمانٍ من الهجرة؛ إذ جاء وفد منهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم على رأسه العباس بن مرداس، وأنس بن عباس بن رعل، وراشد بن عبدربه، فأسلموا وقالوا: اجعلنا في مقدمتك، واجعل لواءنا أحمرَ، وشعارنا مقدمًا، ففعل بهم ذلك، وشهدوا مع النبي صلى الله عليه وسلم فتحَ مكة، وكان ذلك سنة ثمانٍ من الهجرة.
فهل كان خُفاف ضمن هذا الوفد فأسلم مع مَن أسلم منه؟ أو تُراه أسلم منفردًا؛ حيث لم يَرِد اسمه في قائمة هؤلاء الوافدين على النبي صلى الله عليه وسلم؟
والذي أراه أن خُفافًا لم يكن ضمن الوفد، وإنما أسلم منفردًا؛ فلعله تأخر عن الوفد لسبب ما، أو لعله سبقه إلى الإسلام؛ إذ لو كان مع وفد قومه، لذُكِرَ مع مَن ذُكِرَ من مشاهيرهم: العباس بن مرداس، وأنس بن عباس بن رعل، وراشد بن عبدربه، خاصة أن خُفافًا لم يكن مغمورًا في قومه، ولا مؤخرًا فيهم، بل فارسهم المقدَّم، وشاعرهم المعروف.
ثانيًا: أن لخُفاف صحبةً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثًا واحدًا، ذكره ابن عبدالبر في (الاستيعاب)، وابن الأثير في (أُسْد الغابة)، ولم أعثر على الحديث في كتب الصحاح الستة، ولا في غيرها من كتب السنة، بيد أني وجدته في المقاصد الحسنة للسخاوي، وفي كشف الخفاء للعجلوني، والحديث مرويٌّ من طرق متعددة، منها خُفاف، وروايتهما تتفق مع رواية ابن عبدالبر، وابن الأثير، مع اختلاف في بعض الألفاظ، ونص الحديث كما ورد في كشف الخفاء: "ورواه أيضًا خُفاف بن ندية أنه قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله، على من تأمرني أن أنزل؟ أعلى قريش أم على الأنصار أم أسلمَ أم غفار؟ فقال: ((يا خُفاف، ابتغِ الرفيق قبل الطريق؛ فإن عَرَضَ لك أمر لم يضرك، وإن احتجت إليه رفدك))، والحديث بنصه في المقاصد الحسنة وفيه: ((وإن احتجت إليه نفعك))، بدل "رفدك".
والحديث - كما نُصَّ عليه في كشف الخفاء والمقاصد الحسنة – ضعيف؛ قال في كشف الخفاء بعد أن ذكر الحديث بطرقه المختلفة: "وكلها ضعيفة، ولكن بانضمامها يَقْوَى فيصير حسنًا لغيره"، وقال في المقاصد الحسنة: "وكلها ضعيفة، ولكن بانضمامها تَقْوَى".
والحديث لم تُذكَر مناسبته، ولا الظروف التي قيل فيها، ولكن يُفهَم منه أن خُفافًا كان يرغب في النزول على إحدى القبائل ليقيم بها، فلما استشار الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، وجَّهه إلى ما فيه الخير له؛ وهو اختيار الرفيق الصالح، الذي ينصره متى احتاج إليه، ويمُدُّ له يد العون متى احتاج إليها.
ثالثًا: أنه شارك في الأحداث الإسلامية، وقام فيها بدور يتكافأ ومكانته بين الفرسان المعدودين، والأبطال المغاوير؛ فشهِد مع النبي صلى الله عليه وسلم فتحَ مكةَ، وكذا شهِد حنينًا والطائف، وكان في مركز الصدارة منها؛ حيث كان يحمل لواء بني سليم في تلك المعارك، كما ثبت على إسلامه في الردة، وتبرأ ممن ارتد من قومه.
رابعًا: أن خُفافًا كان مؤمنًا صادق الإيمان، فثبت على إسلامه في الردة، وعادى قومه، وتبرأ منهم؛ لأن كثيرًا منهم قد ارتد عن الإسلام بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان رجل منهم، يُقال له: الفجاءة، أتى أبا بكر رضي الله عنه فقال له: إني مسلم، وقد أردت جهاد من ارتد من الكفار، فاحملني وأعنِّي، فحمله أبو بكر على ظهر، وأعطاه سلاحًا، فخرج يستعرض الناس - المسلم والمرتد - يأخذ أموالهم، ويصيب من امتنع منهم، فلما بلغ أبا بكر خبره كتب إلى طريفة بن حاجز بما كان منه، وأمره بالسير إليه بمن معه من المسلمين حتى يقتله أو يأتيه به، فسار طريفة، فلما التقى الفريقان، ورأى الفجاءة من المسلمين الجِدَّ، قال لطريفة: والله، ما أنت بأولى بالأمر مني، أنت أمير لأبي بكر، وأنا أميره، فقال له طريفة: إن كنت صادقًا ضَعِ السلاح، وانطلق معي إلى أبي بكر، فخرج معه، فلما قدما عليه أمر أبو بكر طريفة بقتله، ففعل ما أمره به، فقال خُفاف بن ندبة، يذكر الفجاءة فيما صنع:
لِمَ يأخذون سلاحه لقتاله
ولِذاكُمُ عند الإله أثامُ
لا دينهم ديني ولا أنا منهمو
حتى يسير إلى الصراة شمامُ
فهو يستنكر هذا الصنيع الغادر، مبينًا أن فاعله آثم، ثم يتبرأ مما دانوا به من ارتداد عن الدين، ويتبرأ من الانتساب إليهم، وهذا دليل على عمق إيمانه، وصدق تدينه
خامسًا: أنه رثى أبا بكر الصديق رضي الله عنه بأبيات.
سادسًا: عاش خُفاف حتى خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقد أجمعت المصادر التي تناولت حياة خُفاف على ذلك، وحدد البعض سنة وفاته بأنها سنة 20 من الهجرة، (640 ميلادية).
هذه هي حياة خُفاف في الإسلام، وذاك دوره فيه، فماذا عن شعره الإسلامي؟
لم يُعثَر لخُفاف على شعر إسلامي له قيمة في تصوير حياته في الإسلام، وجِلاء غموضها، وكشف خفاياها، وليس فيه ما يجلو دوره في الإسلام، ويُبرِز إسهامه الفعَّال فيه؛ فكل ما بين أيدينا من شعر لخُفاف في الإسلام اثنا عشر بيتًا، بيتان قالهما في الفجاءة يذكره فيما فعل مع أبي بكر، وقد سبقا.
وله في رثاء أبي بكر رضي الله عنه عشرة أبيات، تدل على إيمانه العميق بالله عز وجل، وإعجابه بأبي بكر، وحبه الشديد له؛ وهي التي أولها
ليس لشيء غير تقوى جداء
وكلُّ شيء عمره للفناء
ولا شكَّ أن لخُفاف شعرًا غير هذا قاله في الإسلام، قد يكون ضاع فيما ضاع من تراثنا العلمي والأدبي والفكري في عصور الغزوين: التتري والصليبي، وقد يكون مطمورًا بين المخطوطات التي تزخَر بها المكتبات العربية والعالمية، ولمَّا تَصِلْ إليها يد الباحثين بعدُ لتنفُض عنها غبار النسيان.
رد مع اقتباس
إضافة رد

الكلمات الدليلية (Tags)
الصحابي خفاف بن ندبة السلمي


ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 04:43 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. منتديات
استضافه ودعم وتطوير وحمايه من استضافة تعاون